خطط ومناهج شاملة في «التربية» لإحياء اللغة العربية بعد عزوف فرضه الواقع

موقع الطويين : البيان

أغزر لغات العالم بالمفردات وأقواها في صقل المعاني، هي فخر لكل من نطق الضَّاد، يصفها ابو الطيب المتنبي، وفي جزالتها يتنافس المتنافسون، وبحروفها نزل أعظم الكلام “القرآن”، ومنها اكتسب العرب موروثهم الحضاري، وبنقش حروفها تسطر اليوم أجمل عبارات الخط العربي.

وفي ثناياها تتلمذ شعراء استلوا حروفها سيوفا في الغزل والنثر والمجد، لغة حاك فيها العرب تاريخا تنحني له الهامات، واليوم تفخر الأمة العربية بقادة يحملون راية اللغة العربية عاليا، حتى تبقى نابضة بالحياة ومواكبة للتقدم والمستقبل، يتغنى بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قائلا: “إن لغتنا العربية هي لغة حية غنية نابضة بالحياة بقيت محافظة على أصالتها لأكثر من ألفي عام وتتميز بقدرتها على مواكبة الحاضر والمستقبل والمساهمة في الحفاظ على اللغة العربية هي قيمة إسلامية وفريضة وطنية وترسيخ لهويتنا وجذورنا التاريخية”.

الرؤية لا تتوقف عند حد الوصف والتغني باللغة، بل الطموح يكتمل بتحول دولة الامارات إلى مركز رائد في دعم اللغة العربية ومكوناتها، ويتابع سموه: «”رؤية الإمارات 2021″ تهدف إلى جعل الدولة مركزاً للامتياز في اللغة العربية”، مشدداً سموه على أن اللغة العربية هي أداة رئيسية لتعزيز هويتنا الوطنية لدى أجيالنا القادمة لأنها المعبرة عن قيمنا وثقافتنا وتميزنا التاريخي.

واليوم يخطو مستقبل اللغة العربية نحو الأمام بخطى واثقة مع اطلاق صاحب السمو نائب رئيس الدولة حزمة من المبادرات النوعية الهادفة إلى الحفاظ على اللغة العربية وتعزيز مكانتها في المجتمع، شملت ميثاقا للغة العربية لتعزيز استخدامها في الحياة العامة ومجلسا استشاريا برئاسة الدكتور عبدالرحمن العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، لتطبيق مبادئ الميثاق ورعاية الجهود كافة الهادفة لتعزيز وضع اللغة العربية، بجانب مبادرات تتعلق بإحياء اللغة العربية لغة للعلم والمعرفة وإبراز المبدعين من الطلبة فيها، اذ شملت إطلاق كلية للترجمة ومعهد لتعليم العربية لغير الناطقين بها إضافة إلى مبادرة الكترونية لتعزيز المحتوى العربي على شبكة “الإنترنت”.

 وسط هذه المبادرات الجديدة والهادفة لتعزيز اللغة العربية في المدارس، تم الإعلان عن تنظيم مسابقات مدرسية في المدارس الحكومية والخاصة تهدف لإبراز المبدعين والمتميزين في اللغة العربية من الطلبة ورعايتهم اذ تشمل المسابقات مجالات الكتابة والخط العربي والقراءة إضافة للشعر العربي، وستشرف على هذه المسابقات وزارة التربية والتعليم ضمن سلسلة من الفعاليات السنوية الرئيسية خلال العام الدراسي.

مسابقة الاحتفاء

شريفة الموسى مديرة ادارة الانشطة في وزارة التربية والتعليم أعلنت، عن بدء تطبيق مسابقات مبادرة “الاحتفاء باللغة العربية” والتي جاءت بناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، للمحافظة على اللغة العربية، اذ وجه سموه ضمن المبادرات الجديدة والهادفة إلى تعزيز اللغة العربية في المدارس، بتنظيم مسابقات، تهدف إلى إبراز المبدعين والمتميزين في اللغة العربية من الطلبة، ورعايتهم، وستشمل المسابقات مجالات الكتابة، والخط العربي، والقراءة، إضافة إلى الشعر العربي.

وأوضحت بان الوزارة اعدت خطة شاملة وسيتم تطبيقها مطلع اكتوبر في المراحل التعليمية في مدارس الدولة الحكومية والخاصة، مشيرة الى أن الخطة تنقسم الى ثلاثة اجزاء: الاول: يشمل مسابقات تصاعدية تبدأ من المدرسة ثم المنطقة ومن ثم انطلاقها على مستوى الدولة، أما الثاني فيكمن في الاولمبياد الوطنية في اللغة العربية والنحو، كما يتمركز الثالث من الخطة حول مشروعات متعددة في اللغة العربية مثل عمل ورش ومعارض للخط العربي والشعر ومشروع اقرأ لترتقي وملتقى الادب العربي الخليجي الاول.

تعميم الخطة

واضافت الموسى ان الادارة تعتزم تعميم الخطة من خلال المناطق على المدارس الحكومية والخاصة ويتم التنفيذ من خلال آلية حيث تقوم كل مدرسة حكومية او خاصة بالإعلان عن المسابقة باستخدام وسائل الاعلان المتاحة، واخطار وحدات الانشطة والمسابقات التربوية بالمناطق والمجالس التعليمية، وتشكيل لجنه تحكيم من معلمي ومعلمات مجال التربية الاسلامية واللغة العربية في كل مدرسة لاختيار افضل ثلاثة تلاميذ وثلاث تلميذات، ثم ترفع النتائج الى وحدات الانشطة الطلابية والمسابقات التربوية.

وتشكيل وحدات الانشطة والمسابقات التربوية لجنة تحكيم من موجهي وموجهات مجال اللغة العربية لاختيار افضل 6 تلاميذ، ومن ثم ترسل النتائج الى الوزارة وتقوم ادارة الانشطة الطلابية والمسابقات العلمية بالتنسيق مع موجه اول مجال التربية الاسلامية واللغة العربية بتشكيل لجنة لتحديد الفئات الفائزة على مستوى الدولة، على ان يتم التحكيم على مستوى المدرسة في نهاية نوفمبر المقبل، وعلى مستوى المنطقة خلال الاسبوع الاول من فبراير 2013، كما سيبدأ التحكيم على مستوى الدولة في الاسبوع الاول من مارس المقبل.

جوهر الثقافة

إلى جانب ذلك أكد أكاديميون أن اللغة العربية هي جوهر ثقافتنا وأن تراجعها سببه أننا اصبحنا أسيرين للثقافة الغربية بكل مكوناتها من لغة وعادات وتقاليد وانماط حياة، وأن إعادة هيبتها ومكانتها مرتبطة بالحفاظ على الهوية الوطنية والإرث الثقافي، وأن هيبة اللغة الأم لا تتجزأ فهي كجسد واحد وتعتبر من أسس دولة الامارات والمحافظة عليها أمر في غاية الأهمية ويجب اتخاذ قرار بهذا الشأن لتعود الأمور إلى نصابها.

مشيرين إلى أن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتعزيز مكانة اللغة العربية في المجتمع، أداة رئيسة لتعزيز الهوية الوطنية لدى الاجيال القادمة، وتعتبر حجر الاساس في اعادة هيبة اللغة العربية إلى مكانتها التي فقدت بسبب الانتشار والاعتماد الكبير على اللغات الاجنبية على حساب اللغة العربية.

وقال الدكتور خالد الخاجة عميد كلية المعلومات والاعلام والعلوم الانسانية في جامعة عجمان: إن اللغة العربية تواجه خطرا كبيرا يجب التصدي له وإعادة مكانة وهيبة لغتنا الأم والمطلوب زيادة الحصص الدراسية المخصصة للغة العربية وتغيير طرائق تدريسها وعدم التركيز على النحو والصرف فاللغة على حد تعبيره ليست حفظ قواعد بل هناك قراءة ومفردات واستماع وهذه المهارات معظم الطلبة ضعفاء بها، ويجب تأهيل معلمي اللغة العربية.

والحقيقة أن العديد من طلبة الثانوية عندما يذهبون للتسجيل بالجامعات ولا يقبلون بالتخصصات العلمية أو تلك التي يرغبون بها تبقى أمامهم فرصة الالتحاق باللغة العربية ويستسهلون هذا التخصص والنتيجة خريجون لا حول ولا قوة لهم.

وطلبة الجامعات حدث ولا حرج – يتابع الخاجة – يعانون من ضعف كبير في اللغة العربية سواء في الاملاء أو في القواعد، لافتا إلى أهمية مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” في تعزيز مكانة اللغة العربية التي تتطلب تكاثف الجهود لتحقيق هذه المبادرة على مستوى المدارس والجامعات من خلال وضع خطط وبرامج تنفيذية لهذه المبادرة.

ولكن القضية لا تتوقف على الطلاب فحال جهات العمل الحكومية في الدولة ليست بالأفضل، ويدعو الخاجة إلى وجوب أن تكون جميع المخاطبات فيها باللغة العربية بشكل رسمي، منوها بأن الإعلام يلعب دورا مهما في تعزيز اللغة العربية والحاصل اليوم أن مختلف البرامج تقدم باللهجة المحلية وهذا بحد ذاته أمر سلبي ينعكس سلبا على كل من يتابع تلك البرامج لأنه يكرس اللهجة المحلية على حساب لغتنا الأم.

تراجع

ما سبق يشير بالبنان إلى جانب آخر، اذ تؤكد الدكتورة حصة لوتاه (استاذ مساعد في قسم الاتصال الجماهيري في جامعة الامارات) على أهمية أن تكون اللغة العربية هي الاساس في جامعاتنا وليس اللغة الانجليزية.

وقالت: إن مكانة اللغة العربية تراجعت لذلك تراجعت هيبتها، معتبرة أن هيبة اللغة الأم لا تتجزأ فهي كجسد واحد وتعتبر من أسس دولة الامارات والمحافظة عليها أمر في غاية الأهمية ويجب اتخاذ قرار بهذا الشأن لتعود الأمور إلى نصابها الصحيح وتكون اللغة العربية هي الاساس وليس إعادة النظر في مناهج التعليم.

الخجل القادم

الدكتور عصام نصر استاذ الإعلام في كلية الاتصال الجماهيري في جامعة الشارقة قال: تراجعت لغتنا بسبب تراجع ثقافتنا لأننا اصبحنا اسيرين للثقافة الغربية بكل ما تمتلكه من لغة وتقاليد وعادات وانماط حياتية، وتخلينا عن ثقافتنا ولغتنا ولجأنا للثقافة واللغة الغربية، واليوم هناك حالة من الشعور بالخجل لدى الكثيرين من الاجيال الجديدة تجاه اللغة العربية ويشعرون بأنها شكل من أشكال التخلف.

ولكن يبقى بحسب الدكتور عصام نصر بأن المطلوب اعادة النظر في اساليب تدريس اللغة العربية في جميع المدارس سواء العربية أو الاجنبية، ويجب إعطاء قدر كبير من الاهتمام باللغة العربية في الجامعات، والحقيقة استغرب عندما يسألني طلابي في الاعلام ماذا ستفيد من مقررات اللغة العربية التي ندرسها.

رؤية مستقبلية واعية

إذا هي القرارات الداعمة، فالأكاديميون والمتخصصون في اللغة العربية، يرون أن مبادرة صاحب السمو نائب رئيس الدولة، جاءت تلبية حقيقية ورؤية مستقبلية واعية، ومدركة لدور وأهمية اللغة العربية والارتقاء بها وتمكينها من مواجهة التحديات.

الدكتور مأمون كنعان موجه اللغة الغربية في مجلس ابوظبي للتعليم، قال: إن اللغة العربية باتت بحاجة كبيرة لقرارات داعمة لحمايتها من التحديات والتداعيات التي تحيط بها، في ظل منافسة غير عادلة، من قبل اللغات الأخرى سيما اللغة الإنجليزية.

وعدم اكتراث العديد من الهيئات والمؤسسات لخطورة ذلك في المستقبل على الوعاء الفكري والحضاري الحاضن لمقومات الأمة العربية، وتواصلها مع الحضارات والثقافات العالمية، تحت حجج واهية، فاللغة العربية تمتلك الكثير من المقومات التي تؤهلها لمواكبة التطور التقني والبحث العلمي.

حيث ان البعض يعزو أسباب تراجع دور اللغة العربية، إلى انها ليست لغة البحث العلمي، وانها غير قادرة على استيعاب تقنيات العصر، وهذ الكلام غير صحيح، فاللغة العربية لديها من المرونة والقدرة ما يمكنها من مواكبة العصر، وهناك علم متخصص في الاشتقاق والصرف والنحو.

واوضح بان الحصص المقررة للغة العربية في بعض المراحل باتت مقننة، حيث ان العديد من مؤسسات التعليم والمعاهد والبنوك والدوائر الرسمية تلزم موظفيها بالتعامل باللغة الإنجليزية، وبات الأهل يتباهون باتقان ابنائهم اللغة الإنجليزية، على حساب العربية، وبالتالي بات من الضروري وجود مثل مبادرات صاحب السمو نائب رئيس الدولة الناظمة والملزمة لتعزيز اللغة العربية، في البيت والمدرسة والجامعة ومكان العمل.

قرارات تنفيذية

مهندسو اللغة العربية، يرجعون الامر إلى تحديات وصفوها بالخطيرة، إذ قال غزوان كيال موجه اللغة العربية: لا شك ان اللغة العربية باتت تواجه تحديات كبيرة وخطيرة، وبات من الضرورة مواجهة تلك التحديات، والعمل على تطوير البرامج والمناهج.

والوقوف بقوة خلف قرارات ناظمة وحامية للغة، كونها الوعاء الحاضن للثقافة العربية في اشكالها ومكوناتها كافة، وبالتالي لا بد من توفير كل اوجه الرعاية والاهتمام، لتمكين اللغة، بدءا من الأسرة والبيئة الاجتماعية، مرورا بالمدرسة ومعلميها الذين بات يقع عليهم العبء الأكبر، في ظل وجود تعليمات وقرارات تدعم اللغة الإنجليزية.

وتعزز مكانتها كلغة بحث وتعليم وتعلم، بحجة ان اللغة العربية قاصرة على مواكبة التطوير العلمي والتقني، وهذ امر مردود، فاللغة العربية لديها من المرونة ما يكفل لها مواكبة التطور وذلك من خلال علم الاشتقاق الذي هو احد علوم اللغة العربية القادرة على التوصيف والتصنيف وإيجاد المفردات البديلة للمصطلحات اللغوية الأخرى.

رياض الأطفال

ولكن يعود التربويون للتأكيد على المثل الموروث “العلم في الصغر كالنقش على الحجر”، أي الحري بنا البدء من النشء، يقول الدكتور مفيد السامرائي (مستشار اول في اكاديمية الشارقة للبحوث): ان تعزيز مكانة اللغة العربية يبدأ بتنشئة الطلبة في مرحلة رياض الاطفال على حب اللغة وربطهم وجدانيا بها .

وذلك باستخدام طرق تدريسية جذابة ومشوقة، وفي الوقت ذاته تحقق الأهداف المنشودة من أجل المحافظة على اللغة العربية والاعتناء بتدريسها في مراحل التعليم الأولى. ووصف الدكتور السامرائي مبادرة صاحب السمو نائب رئيس الدولة بانها قرار سليم للغاية داعيا الى تحرك فاعل على مستوى المدارس والجامعات.

وقالت الدكتورة فاطمة علوان نائب مدير منطقة عجمان التعليمية ان جهود وزارة التربية في إدخال استراتيجيات تدريسية وتقويمية لرفع مستوى تعليم اللغة العربية في المدارس تأتي استجابة فورية لمبادرة صاحب السمو نائب رئيس الدولة وقالت على المدارس مسؤولية كبيرة من خلال بدء الهيئات التدريسية بإبراز مكانة اللغة العربية في نفوس الناشئة وأن تعمل جاهدة على تنمية حبها في نفوسهم، وتقوية اعتزازهم بها.

أما سعيد مصبح الكعبي مدير تعليمية الشارقة فقال: دون لغتنا نفقد جذورنا وهويتنا واصحاب السمو الشيوخ دائما يوجهوننا نحو تعزيز الهوية الوطنية واللغة العربية هي البوابة الرئيسية لذلك مشيرا الى الاهتمام الكبير الذي توليه المدارس بتعليم العربية وحرصها على تأكيد مكانتها مضيفا ان تعميما اصدر حتى للمدارس الاجنبية يؤكد ضرورة الالتزام بتدريس المواد الاجبارية الثلاث العربية ومواد التربية الاسلامية والمواد الاجتماعية وان يقوم بتدريسها معلمون متخصصون ومؤهلون.

نموذج جديد

مجلس أبوظبي للتعليم يولي اهتماما كبيرا بتطوير اللغة العربية والارتقاء بآليات واستراتيجيات تدريسها من خلال ادارة مناهج اللغة العربية التي قدمت العديد من المبادرات لمختلف المراحل الدراسية مع التركيز بشكل كبير على مرحلة رياض الأطفال والحلقة الأولى اللتين تطبقان النموذج المدرسي الجديد وفق معايير المجلس.

حيث تعنى ادارة المناهج بتطوير معايير تدريس المناهج العربية بما يتواءم مع استراتيجية المجلس وبما يدعم علاج مشكلة عزوف الطلبة عن دراسة العربية وبالتالي ضعف امتلاكهم للمهارات الأساسية.

وأوضحت الدكتورة كريمة المزروعي مدير ادارة المناهج العربية بمجلس ابوظبي للتعليم أنهم مستمرون هذا العام في التدريس اعتمادا على المعايير ومن منطلق أن الكتاب ليس المصدر الوحيد للمعلومات وضرورة تنويع مصادر التعلم، ولهذا قام المجلس هذا العام بتوفير الكثير من مصادر التعلم الجديدة خاصة على مستوى رياض الأطفال والحلقة الاولى.

وأشارت المزروعي الى أن ادارة المناهج تسعى لدعم تحقيق نواتج التعلم المتوقعة من الطالب والتأكد من امتلاكه لها في نهاية كل مرحلة دراسية، وكذلك تطوير طرائق التدريس نظرا لما لاحظوه من عزوف الطلبة عن مادة اللغة العربية وضعف مهاراتهم في القراءة والكتابة، بمعنى اهتمام اداراتهم بالوقوف على المشكلات الطلابية في اللغة العربية ووضع حلول وخطط علاجية تجعل من تعلم العربية مشوقا وجذابا للطالب.

وأشارت الى أنهم قاموا من العام الماضي بمراجعة عميقة لمعايير التعليم في مناهج العربية وتطويرها بما يتواءم مع نظرة المجلس في الانتقال من التعليم التقليدي القائم على الحفظ والتلقين الى التعليم الحديث التفاعلي القائم على مهارات التفكير، واعتبار أن الكتاب المدرسي أحد مصادر التعلم وضرورة استخدام المعلم لمصادر تعلم وطرق متنوعة لجذب الطالب وإبعاده عن الملل.

تحديات التطبيق

وذكرت سلوى أمين معلمة اللغة العربية بمدرسة المواهب أن مشروع “تمعن” للتقويم المستمر جديد على الميدان ويواجه بعض الصعوبات في التطبيق لكونه يحدث تغييرا كبيرا في عملية تدريس اللغة العربية، حيث يفتح للمعلم المجال لتدريس الطالب من خلال معايير محددة دونما الزام بالكتاب المدرسي.

فمثلا يتم تحديد المحور الذي سيتناوله المعلم وبامكان المعلم الاستعانة بأية مصادر تعليمية أو مادة تحقق هذا المحور وأهدافه التعليمية، وبالتالي لا يوجد الزام بالمقرر، وهذا الأسلوب يجعل المعلم مرشدا للطالب في الحصة.

وذكر ناصر بن عيسى (تربوي) أن اللغة العربية لغة هويتنا وثقافتنا وديننا ولا بد أن يتقنها الطالب، ولكن يجب ألا تدرس كأي مادة أخرى فهي مادة مهارة وتعتمد على ممارسة الطالب لها لذا يجب أن تقدم بشكل شيق وجاذب.

أنشطة تربوية

 

أفادت مديرة إدارة الأنشطة الطلابية شريفة الموسى، بأن المسابقات التربوية هي أحد العناصر الرئيسية في الأنشطة التربوية، فمن خلالها تتحقق تنمية شاملة لشخصية الطالب، سواء من الناحية المعرفية أو الوجدانية أو السلوكية، كما انها تتيح للطالب ممارسة بعض المهارات الوظيفية بعيدة عن المواقف المنوعة داخل الصف الدراسي.

موضحة بأن التلميذ بهذه الطريقة يكتسب الخبرة بجوانبها المتنوعة وييسر له التفاعل مع المواقف المماثلة لها خارج المدرسة، كما تتيح للطالب التعرف على ذاته وميوله وتنمية مواهبه وتشبع حاجاته، حيث يعيش في جو يتبادل فيه الخبرات مع الآخرين طلاباً ومعلمين ويطلع من خلاله على امكانات مدرسته لتنمو مواهبه ويصقلها فيشعر بالاكتمال النفسي، وينمو الحس الجماعي لديه نمواً سليماً.

تراكم أخطاء

 

اشار الدكتور أمان حتاحت، (المدرس المساعد ومنسق مادة اللغة العربية في وحدة المتطلبات الجامعية بجامعة الإمارات)، إلى أن المشكلة في طبيعة الطالب بحد ذاته، القادم من المرحلة الثانوية ولديه تراكمات، وخلل كبير في اللغة العربية، منذ سنوات المرحلة التأسيسية، يقف خلفها الأهل والبيئة المجتمعية ومن ثم المدرسون انفسهم، الذين استسهلوا التحدث باللهجات المحلية.

واضاف انه لا يمكن من خلال 35 حصة فقط، أن نخلق جيلا متمكنا من لغته، التي اصابها الوهن والخلل، وأوضح بأن من أساب الخلل، المدرسين المشاركين في تدريس المواد الأخرى، غير مواد اللغة العربية.

مثل الرياضيات والعلوم والفيزياء والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس، باتوا لا يتحدثون باللغة العربية السليمة بل يستخدمون اللهجات المحلية، اضافة إلى الإصرار على استخدام اللغة الإنجليزية، بحجة ان هناك تعليمات بضرورة استخدام اللغة الإنجليزية في المؤسسات التعليمية سيما الأكاديمية منها، مما جعل الطالب يستسهل العملية ويستكين للأمر الواقع.

 

تفاعل مع «تمعن»

 

ذكرت الدكتورة كريمة المزروعي مدير ادارة المناهج العربية بمجلس ابوظبي للتعليم أن المجلس سيزود مستوى الحلقتين الثانية والثالثة بالمراجع والمصادر مع العام الدراسي في ظل خطوات التطوير لهاتين المرحلتين والإعداد لدخولهما النموذج المدرسي الجديد.

وأشارت الى استمرار تطبيق مشروع التقويم المستمر عبر النصوص “تمعن” باللغتين العربية والإنجليزية والذي تقوم فكرته على إشغال الطالب بالقراءة والكتابة والبحث والعروض، ومن دعائم المشروع دعم مهارات الطالب في البحث والاستقصاء وحل المشكلات، فهو مشروع يهدف إلى تعريض الطلبة لنصوص وأجناس قرائية مختلفة وبشكل دائم ليتفاعلوا مع القراءة والكتابة بما يدعم مهاراتهم اللغوية ويمكنهم من إنتاج نصوص تعبيرية وبحثية عالية الجودة .

وأشارت الى استمرارهم في تخصيص حصة للبحث العلمي التي أقرها المجلس من العام الدراسي الماضي للصفوف من السادس وحتى الثاني عشر، وأن الطلبة المستهدفين منها مطالبين بتسليم بحث علمي واحد على مدار العام يظهر مهاراتهم البحثية.

معهد دراسات اللغة العربية رسالة تتخطى حدود المجال التعليمي

 

تركز جامعة زايد منذ تأسيسها على تميز طلبتها بمهارات اللغة العربية ويتم تقييم الطلاب على إجادتها وإتقانها، حيث يشكل ذلك عنصراً رئيسياً من متطلبات التخرج في ظل اعتمادها نظام ” التعليم ثنائي اللغة ” الذي يشترط في الخريج او الخريجة امتلاك مهارات اللغتين العربية والانجليزية بمستوى متميز.

واليوم تلعب الجامعة دوراً اكبر في هذا المجال وذلك مع تدشينها العام الأكاديمي الماضي معهد دراسات اللغة العربية الذي جاء واحداً من مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التي أطلقها لدعم اللغة العربية.

 حيث يحمل المعهد رسالة وأهدافاً تتخطى حدود الجامعة والمجال التعليمي وذلك من خلال الاهتمام بالبحث في أسباب تراجع العربية والعمل على تطوير طرائق تدريسها ومناهجها والاهتمام بتأكيد مكانتها باعتبارها اللغة الأم التي تحفظ لنا هويتنا إلى جانب انفتاحها على العالمية من خلال اعتمادها كلغة أساسية في المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وغيرها وكذلك إتاحة فرص تعلمها لغير الناطقين بها وتفعيل أساليبها في مجالات الترجمة وغيرها.

وقال الدكتور سليمان الجاسم مدير جامعة زايد” إن اللغة العربية تعني الهوية والانتماء ، ولابد من تعزيزها وتطويرها وحمايتها من التراجع ” مؤكداً أن جامعة زايد لا تألو جهداً في تقديم خبراتها وامكاناتها بما يساهم في النهوض بشتى المجالات التي تتعلق بالشأن التعليمي والمجتمعي.

معرباً عن تقديره -والعاملين بالجامعة- باختيار جامعة زايد لتكون جزءاً من تحقيق مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لدعم اللغة العربية.

وذلك من خلال تأسيسها لمعهد دراسات اللغة العربية الذي أطلقه معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي رئيس جامعة زايد ، حيث سيتولى المعهد العديد من المهام التي ستساهم في تأكيد مكانة لغتنا الأم محلياً وإقليمياً ودولياً.

وأشار الجاسم الى أن معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان يحرص دائماً على تأكيد رسالة الجامعة التعليمية والمجتمعية وتقديم كافة إمكاناتها وخبراتها لتحقيق تلك الرسالة، موضحاً بأن المعهد يتولى العديد من المهام الأساسية ومنها ما يتعلق بالنهوض بعملية تدريس اللغة العربية في المدارس ومؤسسات التعليم الأخرى من خلال البحث في أسباب تراجع اللغة وعزوف الطلبة عن دراستها والسعي الجاد لمعالجة ذلك من خلال هذه البحوث التي تستهدف تطوير وسائل تعليم اللغة وطرائق تدريسها ومناهجها لجعلها أكثر جذباً للطلبة، كما يهتم المعهد بالدراسات والبحوث في مجال العربية.

خطط طموحة

أما الدكتور عبيد المهيري مدير معهد دراسات اللغة العربية بجامعة زايد أوضح بأنهم يطمحون بشكل كبير الى تحقيق أهداف المعهد التي ترمي لدعم العربية واستعادة مكانتها وتأكيدها بين شعوب العالم، مشيرا الى أنهم بدأوا من العام الدراسي الحالي تنفيذ خطط المعهد من خلال طرحهم أول برنامج ماجستير في طرائق التدريس اللغة العربية وأن التجهيزات لطرحه تسير على قدم وساق، كما أنهم يعملون في الإعداد لطرح ماجستير في الترجمة والترجمة الفورية بالتعاون مع مؤسسات وجامعات عالمية متخصصة .

وأن لديهم خطط مستقبلية لطرح برنامج بكالوريوس في اللغة العربية وإتاحة المجال أيضا لدراسة اللغة كتخصص فرعي للطلبة الذين يدرسون تخصصات مختلفة ويهتمون بإتقان العربية لدعم مهاراتهم ومجالات عملهم المستقبلية.

وأشار إلى أن احد الأدوار الرئيسية للمعهد تتمثل في مجال البحوث والدراسات، وأنها أساسية للوقوف على أسباب ومشكلات اللغة العربية ومعرفة واقعها الحالي لتحديد الطرق التي تمكن من تطوير هذا الواقع والنهوض به.

وسيكون جزء من هذه البحوث مطروحاً للطلبة الذين يدرسون تخصصات اللغة العربية، بالإضافة الى استمرارهم في العمل على تفعيل احد أهم ادوار المعهد والخاص بتعليم العربية لغير الناطقين بها ، موضحاً بأن هناك مجموعة من البرامج المقدمة في هذا المجال ومنها برنامج للدبلوماسيين ويتم فيه التواصل مع عدة جهات دبلوماسية للتبادل الطلابي.

اللغة تدخل في الجينات

 

الدكتـور حنان حيرب مـديرة برنامـج اللغـة العربيـة في كليات التقنية العليا بدبي اللغـة انتمـاء وهـوية وكرامة، ولعلي لا أبالغ إذا زعمت أنها تدخل في الجينات، وللغـة العربيـة فضل تتيه به على اللغات وهو أنها لغة القرآن الكريم، وهذا دليل قاطع على أنها لغة حية خالدة تتسـع لمختلف الموضوعات والتخصصات وتواكب التطور والتقدم، واللغة العربية غنيـة بأصـواتها وقـدرة الناطقين بها على نطق جميع الأحرف والأصوات وهي لغة أدب وجمال ولغة علم وبحث.

واضافـت إن تعزيز هذا الانتماء والحب للغة العربيـة يأتي بالدرجة الأولى من تقـدير أولى الأمر، اذ إن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيـس الدولـة رئيـس مجلس الـوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتعزيز مكانة اللغة العربية في المجتمع، باعتبارها أداة رئيسة لتعزيز الهوية الوطنية لدى الاجيال القادمة مبادرة رائدة تسهم في تعزيز لغتنا الأم .

والحفاظ على الهوية الوطنية ، لافتة إلى أن المطلوب استخدام طرق تعليمية شيقة تنتمي للعصر الحالي بأدوات وتقنيات حديثة تعيين المدرسين المؤهلين، وفتح باب المنافسة في البحث والإبداع وإدخالها بقوة في مناهج الدراسة وخاصة في المراحل المبكرة.

وتنشيط المسرح المدرسي والندوات والمناظرات والعمل على إنتاج برامج وأفلام كرتون ناطقة بالعربية وخاضعة للتدقيق والرقابة إلى جانب تعميم استخدامها في المجتمع وتعزيز ترجمة الإعلانات واللافتات بلغة دقيقة.

تبني الطرق والاستراتيجيات الحديثة في التدريس

 

قالت نور حمدان معلمة لغة عربية متقاعدة، إن على ادارة المناهج في وزارة التربية والتعليم تبني الطرق والاستراتيجيات الحديثة في تدريس اللغة العربية، والإكثار من المناشط اللغوية الحيوية، واستخدام التقنية الحديثة في تطـوير تعليم اللغة وتعلمها والاهم وتعزيز أهمية العربية كرمز ومرتكز هام في الهوية الوطنية والحفاظ عليها لان رفعة الأمم من رفعة لغتها، وقوتها من قوة لغتها.

وشددت على أهمية منع التحدث بالعامية بين صفوف مدرسي المادة في الفصل لأنها شائعة وتضعف مقدرة الطالب اللغوية، وأوضحت بأنّ الطلاب يفقدون رغبتهم في اللغة العربية ربما لأنّ نوع النصوص المستخدمة في التعليم تنفّرهم وهي تقليدية ومكررة وبالتالي يجب ان يكون المعلم متمكناً ولديه طرائق متنوعة في التدريس بعيداً عن التلقين .

وقالت فاطمة السلامي (معلمة لغة عربية في نموذجية الشارقة)، ان تقوية اللغة العربية وتنميتها واجب وطني وغاية سـامية علينـا جميـعا ان نتكاتف مـن اجـل ان نعـيد هيبة العربية ونبدأ من خلال فرض الحديث بالعربية الفصحى داخل الحجرة الصفية وتعميم استعمالها في مناهج التعليم في مختلف المراحل بما يضع اللغة العربية والأجيال العربية في مستوى المسؤولية الحضارية التي يفرضها وضع اللغة الأم، وقالت اللغة العربية ستكون بخير وعافية عندما نتعامل نحن المشتغلين في التربية معها بالشكل الجاد الذي يؤدي الى اعادة احيائها.

مناهج حديثة تعزز المنهج التعليمي

 

أكد مشعل الخديم رئيس قسم الإدارة التربوية والتعليمية بمنطقة الفجيرة التعليمية اهتمام وزارة التربية والتعليم المنبثق من سياستها التربوية ومن ميثاق اللغة العربية بطرح عدة مبادرات أهمها “مبادرة الارتقاء بالمنهج التعليمي” ليتواءم مع متطلبات مؤسسات التعليم العالي وسوق العمل المستقبلي في تعزيز وتطوير اللغة العربية ومهاراتها الأساسية من خلال إعداد مناهج حديثة تخرج طلبة قادرين على التحليل .

والبحث العلمي والعمل الجماعي، ويمتلكون مهارات الاتصال والتواصل ليكونوا في المستقبل قادة فاعلين ومؤثرين في مختلف المجالات، ويكونوا خريجون مؤهلين دائما لمواكبة احتياجات سوق العمل.

وأضاف أن منطقة الفجيرة التعليمية ممثلة بمدارسها المختلفة والمنتشرة بالإمارة تعمل على تعزيز تعليم اللغة العربية من خلال التوجه بمناهج ومبادرات وزارة التربية بالانتقال في إقامة الأنشطة الإبداعية المنوعة والفعاليات المختلفة التي تسهم في ذلك ومعالجة بعض الجوانب في العملية التعليمية الخاصة بتعليم اللغة العربية.

مشيرا إلى أن المدارس التعليمية بالمنطقة تشهد مشاركة فعالة بهدف تعزيز تعلم اللغة العربية بفعاليات مختلفة ومناسبة لكافة المراحل الدراسية على مدار العام الدراسي منها تعزيز حب القراءة عند الأطفال في مرحلة رياض الأطفال.

وتشجيع الأهالي على القراءة لأطفالهم، وأيضاً تنظيم فعاليات ثقافية بالمدارس ذاتها تساعد الأطفال على اكتشاف مواهبهم في الابتكار والإبداع بالتنسيق والتعاون مع جهات أخرى معنية لحثهم على حب اللغة العربية والاستمتاع بها. لافتاً إلى أن المناهج الدراسية تتحمل المسؤولية الأولى في حماية اللغة العربية والدفاع عنها، في حين يتحمل الإعلام المسؤولية الثانية.

Related posts